جاري فوري

Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 مايو 2023

خوارق العادة عند الماتريدية لزاهر بن محمد بن سعيد الشهري



خوارق العادة عند الماتريدية لزاهر بن محمد

 بن سعيد الشهري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن الله تعالى اصطفى من عباده رسلاً مبشرين ومنذرين، كما قال تعالى: " رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ " [ النساء: 165 ]

وقال تعالى:"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ"[النحل: 36]

وأنزل عليهم الكتاب حجةً وبياناً وهدايةً للناس " لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" [ النساء: 165 ]

وأيدهم بالآيات والبينات والبراهين، فكانت لبعض الناس دليلاً وهادياً إلى الحق والإيمان، وكانت لبعضهم الآخر زيادة في الكفر والطغيان.

ومن تلك البراهين والآيات ماأطلق عليه اسم " المعجزة" التي يظهرها الله على أيدي النبي للدلالة على صدقه.

وقد تنازع الناس في تعريفها، وفي التفريق بينها، وبين مايقع على يد الكهان والسحرة، والصالحين من عباد الله، وأدخلوها كلها تحت مصطلح"خوارق العادة".

وفي هذا البحث، سأحول بإذن الله تعالى، بيان موقف طائفة من الطوائف في هذا الموضوع، وهم"الماتريدية".

وسيكون البحث منتظماً في مقدمة، وثلاثة مباحث، وخاتمة وفهارس.

المقدمة: وفيها بيان أهمية الموضوع.

المبحث الأول: عقيدة أهل السنة والجماعة في خوارق العادة.

المبحث الثاني: طرق إثبات النبوة عند الماتريدية.

المبحث الثالث: خوارق العادة عند الماتريدية، ويشمل على تمهيد ومطلبين:

التمهيد: ويشتمل على أقسام خوارق العادة عند الماتريدية.

المطلب الأول: تعريف المعجزة عند الماتريدية.

المطلب الثاني:كرامات الأولياء عند الماتريدية، والفرق بينها وبين المعجزة.

الخاتمة: وتشتمل على أهم نتائج البحث.

الفهارس: وتشتمل على فهرس للمصادر والمراجع، وفهرس للموضوعات.

وأسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يعيذنا من الفتن ماظهر منها ومابطن.

كتبه

زاهر بن محمد بن سعيد الشهري

1/1/1431هـ

المبحث الأول: عقيدة أهل السنة والجماعة في خوارق العادة.

حتى يتبين الحق من الصواب، لابد من بيان معتقد أهل السنة والجماعة في خوارق العادة باختصار فأقول:

يؤمن أهل السنة والجماعة بخرق الله تعالى لما اعتاده الناس من السنن الكونية، وهي تكون على يد نبي أو رسول، أو على يد ولي من أولياء الله، أو على يد بعض السحرة والكهان.

ويسمون مايقع على يد الأنبياء بالآيات والبراهين والبينات، وهي الألفاظ الشرعية الواردة في القرآن والسنة، والتي تعارف عليها السلف الأوائل كما قال تعالى:" وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ" [ الرعد: 38 ]

وقال تعالى:" لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ " [ الحديد: 25 ]

وقال تعالى:" فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ" [ القصص: 32 ]

ولم يرد لفظ المعجزة في القرآن واالسنة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وهذه الألفاظ إذا سميت بها آيات الأنبياء، كانت أدل على المقصود من لفظ المعجزات، ولهذا لم يكن لفظ (المعجزات) موجوداً في الكتاب والسنة، وإنما فيه لفظ (الآية) و (البينة) و (البرهان)"([1])

وأما مايقع على يد أولياء الله من البشر، فيسمى آية من آيات الأنبياء؛ لأنه يحصل لهم بسبب اتباعهم لهم.

وبعضهم يسميها كرامة، وهو لفظ لم يرد في القرآن والسنة، ولا مشاحة في الاصطلاح مالم يترتب عليه محاذير، كما عند الماتريدية وسيأتي الحديث عنه.

وإظهار الخارق على يد الولي، يكون لحكمة أومصلحة تعود إلى الولي أو إلى غيره.

وأهل السنة والجماعة يعتقدون أن الناس يتفاوتون في ولايتهم لله تعالى، بحسب إيمانهم وتقواهم قال تعالى:" أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" [ يونس: 62، 63 ]

وهي لاتختص بطائفة معينة، أو جنس معين.

وأما مايقع على يد الساحر والكاهن، فيطلق عليه أهل السنة خوارق شيطانية.

وهم يفرقون بين آيات الأنبياء وكرامات الأولياء بعدة فروق اكتفي منها بفرقين:

الأول: النظر إلى السبب والباعث، فخوارق الأنبياء وأولياء الله سببها الإيمان والتقوى، وتكون سبباً في زيادة طاعة العبد لله تعالى، وأما خوارق غيرهم من السحرة والكهان فسببها المعاصي،وتكون زيادة لهم في الكفر والضلال.

الثاني: أن مايظهر على يد نبي أو رسول فهو غير مقدور لأحد من الإنس أو الجن، كما قال تعالى:" قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" [ الإسراء: 88 ]

وأما خوارق السحرة والكهان، فهي مقدورة لغيرهم، وتختلف من بلد إلى بلد، ومن أهل إقليم إلى آخر، و السحرة والكهان بعضهم أقوى من بعض، فلايكون مايظهر على يد بعضهم بالنسبة لمن هم على شاكلتهم خارق لعاداتهم. ([2])

وعدم التفريق بين ماسبق، أوقع بعض الفرق في اضطراب،وعدم ثبات في موضوع خوارق العادة، مما جعل المعتزلة ينكرون كرامات الأولياء، حتى لاتلتبس وتشتبه مع معجزات الأنبياء.

وحاولت بعض الفرق، التفريق بإضافة شروط، لكن لم يطرد لها شرط، ولم تثبت على قدم، ومنهم الأشاعرة والماتريدية.

والبحث سيكون عن الماتريدية وموقفها من خوارق العادات.

المبحث الثاني: طرق إثبات النبوة عند الماتريدية.

ذهب الماتريدية إلى أن النبوة تثبت بطريقين:

الأول: النظر في صفات الأنبياء الخَلقية والخُلقية قبل الرسالة وبعدها.

الثاني: تأييد الله تعالى لهم بالمعجزات والآيات والبراهين الدالة على صدقهم.

قال أبو منصور الماتريدي([3]) إمام المذهب: " ثم الأصل عندنا في إعلام الرسل وجهان: أحدهما: ظهور أحوالهم على جهة يدفع العقول عنهم الريبة، وتأبى فيهم توهم الظنة، بما صحبوهم في الصغر والكبر، فوجدوهم طاهرين أصفياء أتقياء، بين أظهر قوم ما احتمل التسوية بينهم على ذلك، ولا تربيتهم تبلغ ذلك، على ظهور أحوالهم لهم، وكونهم بينهم في القرار والإنتشار، فيعلم بإحاطة أن ذلك حفظ من يعلم أنه يقيمهم مقاماً شريفاً، ويجعلهم أمناء على الغيوب والأسرار، وهذا مما يميل إلى قبوله الطبيعة ويستحسن جميع أمورهم العقل، فيكون الراد عليه يرد بعد المعرفة رد تعنت له، إما لإلف وعادة على خلاف ذلك، أو لشرف ونباهة في العاجل، أو لمطامع ومنال، وإلا فما من قلب إلا ويميل إلى من دون هذا رتبته ومحله، ولا قوة إلا بالله.

والثاني: مجيء الآيات الخارجة عن طبائع أهل البصر في ذلك النوع، الممتنعة عن أن يطمع في مثلها، أو يبلغ بكنهها التعلم، مع ما لو احتمل أن يبلغ أحد ذلك بالتعلم والإجتهاد، فإن الرسل بما نشأوا لا في ذلك، وربوا لا به، يظهر أنهم استفادوه بالله، أكرمهم بذلك، لما يجعلهم أمناء على وحيه.. "([4])

وقال سعد الدين التفتازاني([5]):" وقد يستدل أرباب البصائر على نبوته بوجهين:

أحدهما: ما تواتر من أحواله قبل النبوة، وحال الدعوة، وبعد تمامها، وأخلاقه العظيمة وأحكامه الحكيمة، وإقدامه حيث تحجم الأبطال، ووثوقه بعصمة الله تعالى في جميع الأحوال، وثباته على حاله لدى الأهوال، بحيث لم يجد أعداؤه مع شدة عداوتهم وحرصهم على الطعن فيه مطعناً،ولا إلى القدح فيه سبباً، فإن العقل يجزم بامتناع اجتماع هذه الأمور في غير الأنبياء، وأن يجمع الله هذه الكمالات في حق من يعلم أنه يفري عليه، ثم يمهله ثلاثاً وعشرين سنةً، ثم يظهر دينه على سائر الأديان وينصره على أعدائه،ويحيى آثاره بعد موته إلى يوم القيامة.

وثانيهما: أنه ادعى ذلك الأمر العظيم بين أظهر قوم لا كتاب لهم، ولا حكمة معهم، وبين لهم الكتاب والحكمة، وعلمهم الأحكام والشرائع، وأتم مكارم الأخلاق، وأكمل كثيراً من الناس في الفضائل العلمية والعملية، ونور العالم بالإيمان والعلم الصالح، وأظهر الله دينه على الدين كله كما وعده، ولا معنى للنبوة والرسالة سوى ذلك".([6])

مما سبق يتبين أن إمام مذهب الماتريدية، يرى أن إثبات النبوة له طريقان، لكن جمهور الماتريدية اكتفوا بالطريق الثاني، وعدوه هو الدليل الوحيد على صدق النبي، بحجة أن المعجزة وحدها هي التي تفيد العلم اليقيني بثبوت نبوة النبي.

قال أبواليسرالبزدوي([7]):" لا يتصور ثبوت الرسالة بلا دليل، فيكون الثبوت بالدلائل، وليست تلك الدلائل إلا المعجزات، فثبتت رسالة كل رسول بمعجزات ظهرت على يديه، فكانت معجزات موسى عليه السلام العصا، واليد البيضاء وغيرهما من المعجزات، ومعجزات عيسى عليه السلام إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك، ومعجزات محمد عليه السلام القرآن، فإن العرب بأجمعهم مع فصاحتهم عجزوا عن الإتيان بمثله... فعجزوا عن ذلك، فكانت المعجزات دليل صدق دعواهم الرسالة، فإن ما ظهر ليس في وسع بشر، فعلم أن الله هو المنشئ، وإنما ينشئها لتكون دليلاً على صدق دعواه، فإن قوم كل رسول سألوا منه دلائل صدقه، فدعا الله تعالى ليؤيده بإعطاء ما طلبوا منه، فلما أعطاه دليل صدقه الذي طلب منه قومه، صار ذلك دليل صدقه من الله تعالى، فإن الله لا يؤيد الكاذب...ولابد للناس من معرفة الرسل، ولا طريق للمعرفة سوى المعجزات".([8])

وقال أبوالمعين النسفي([9]): "... إذا جاء واحد وادعى الرسالة في زمان جواز ورود الرسل... لا يجب قبول قوله بدون إقامة الدليل... لما أن تعين هذا المدعي للرسالة ليس في حيز الواجبات، لانعدام دلالة العقل على تعينه، فبقي في حيز الممكنات، وربما يكون كاذباً في دعواه، فكان القول بوجوب قبول قوله، قولاً بوجوب قبول قول من يكون قبول قوله كفراً، وهذا خُلْف من القول، وإذا لم يجب قبول قوله بدون الدليل، يطالب بالدليل وهو المعجزة... "([10]).

وقال الناصري([11]): " فالمعجزة توجب علم اليقين بنبوة الرسل، بواسطة التأمل، وترك الإعراض عن النظر فيها، وإنما جهل من جهل بعد ظهور آيات الرسل بترك التأمل، ولم يعذر بالترك؛ لأن العقل مما يلزمه التأمل فيها؛ لأنه حجة من حجج الله تعالى، وهي تتعاضد ولا تتضاد، ولو كانت الحجج موجبة للعلم جبراً، لما تعلق بها ثواب ولا عقاب، فالمعجزة رأس الحجج، وهي تزداد عند البحث والتأمل إيضاحاً واستنارةً وقوةً ووكادةً "([12])

من هذه النقولات لأئمة الماتريدية، يتبين أنهم جعلوا المعجزة هي الطريق الوحيد لمعرفة الرسل، وإثبات النبوة، وحجتهم في ذلك أمور منها:

1- أن أقوام الرسل طلبوا من رسلهم دلائل صدقهم، فدعى الأنبياء ربهم أن يعطيهم من الأدلة ماصدقهم به أقوامهم، فكانت المعجزات، فصارت هي دليل صدقهم من الله، والله لايؤيد الكاذب.

2- أن المعجزة كما يقولون هي التي يميز بها بين الكاذب مدعي الرسالة، وبين الصادق.

قال التفتازاني:" لولا التأييد بالمعجزة، لما وجب قبول قوله، ولما بان الصادق في دعوى الرسالة عن الكاذب "([13]).

3- أن المعجزة هي الموجبة لعلم اليقين، وتجعل العقل يزداد تأملاً.

4- أن النبوة موهبة ورحمة من الله، والدليل على صدق هذه الموهبة هي المعجزة.

مناقشة رأي الماتريدية في طرق إثبات النبوة:

لاشك أن ماذهب إليه أبو منصور الماتريدي، من طرق إثبات النبوة، هو الصواب والموافق لأهل السنة والجماعة، وأما ماذهب إليه جمهور الماتريدية، من حصرها في المعجزات، فهو قول غير صحيح،بل هو باطل عقلاً ونقلاً.

والكلام في رده يطول لكن سأكتفي ببعض الإشارات منها([14]):

1- معلوم أن مدعي الرسالة، إما أن يكون من أفضل الخلق وأكملهم، وإما أن يكون من أنقص الخلق وأرذلهم، ولهذا قال أحد أكابر ثقيف للنبي صلى الله عليه وسلم لما بلغهم الرسالة ودعاهم إلى الإسلام: والله لا أقول لك كلمة واحدة، إن كنت صادقاً، فأنت أجل في عيني من أرد عليك، وإن كنت كاذباً فأنت أحقر من أن أرد عليك.

فكيف يشتبه أفضل الخلق وأكملهم، بأنقص الخلق وأرذلهم، وما أحسن قول حسان:

لو لم تكن فيه آيات مبينة

كانت بديهته تأتيك بالخبر

2- ما من أحد ادعى النبوة من الكذابين، إلا وقد ظهر عليه من الجهل والكذب والفجور، واستحواذ الشياطين عليه، ما ظهر لمن له أدنى تمييز.

وما من أحد ادعى النبوة من الصادقين، إلا وقد ظهر عليه من العلم والصدق والبر،وأنواع الخيرات ما ظهر لمن له أدنى تمييز بل كل شخصين ادعيا أمراً من الأمور، أحدهما صادق في دعواه، والآخر كاذب، فلا بد أن يبين صدق هذا، وكذب هذا، من وجوه كثيرة، إذ الصدق مستلزم للبر، والكذب مستلزم للفجور.

والناس يميزون بين الصادق والكاذب، بأنواع من الأدلة، حتى في المدعين للصناعات والمقالات، كالفلاحة والنساجة والكتابة، فما من أحد يدعي العلم بصناعة، أو مقالة، إلا والتفريق في ذلك بين الصادق والكاذب له وجوه كثيرة، وكذلك من أظهر قصداً وعملاً، كمن يظهر الديانة والأمانة والنصيحة والمحبة، وأمثال ذلك من الأخلاق، فإنه لابد أن يتبين صدقه أو كذبه من وجوه متعددة.

والنبوة مشتملة على علوم وأعمال، لابد أن يتصف بها الرسول، وهي أشرف العلوم وأشرف الأعمال فكيف يشتبه الصادق فيها بالكاذب، ولا يتبين صدق الصادق، وكذب الكاذب من وجوه كثيرة.

3- أن صدق النبي يعرف بما يقترن به من القرائن، ولايختص بالمعجزة، ولهذا استدلت خديجة رضي الله عنها، على صدق النبي صلى الله عليه وسلم بمكارم أخلاقه، ومحاسن شيمه.([15])

وكذلك قصة هرقل، وسؤاله عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله، وقد كاد أن يعلن إيمانه لولا صدود قومه له.([16])

4- أن صدق النبي لايتوقف على المعجزة، فكم من نبي لم يظهر على يديه معجزة، مثل لوط ونوح عليهما السلام وغيرهما، وإنما حصلت المعجزة بإهلاك قومهما من غير أن يمهلوا حتى يروا ليصدقوا، بل كان هلاكهم بها.

5- أن حصر إثبات النبوة في المعجزة، حصل منه الاضطراب في تعريفها، والخطأ في التفريق بينها وبين مايقع على يد الأولياء وغيرهم.

المبحث الثالث: خوارق العادة عند الماتريدية.

التمهيد: أقسام خوارق العادة عندالماتريدية.

يثبت الماتريدية خوارق العادة، ويقسمونها إلى خمسة أقسام:

المعجزة، والكرامة، والاستدراج، والإهانة، والإعانة.

فالمعجزة تكون على يد نبي، والكرامة على يد ولي صالح، والاستدراج على يد فاسق خديعة له ومكراً به، والإهانة على يد كافر وفاسق تكذيباً له، والإعانة على يد عوام المسلمين.

وهناك قسم سادس، وهو الإرهاص، وبعض الماتريدية لايذكرونه؛ لأنه يخالف شرط المعجزة وهو أن تكون مقارنة لدعوى النبوة.([17])

والكلام سوف يكون عن القسمن الأولين؛ لأنهما غالب مايذكره الماتريدية، والباقية ستذكر في موضعها تبعاً لا استقلالاً.

المطلب الأول: المعجزة عند الماتريدية.

سيكون الحديث عن المعجزة عند الماتريدية من خلال العناصر التالية:

أولاً: تعريف المعجزة.

ثانياً: شروط المعجزة.

ثالثاً: أنواع المعجزة.

رابعاً: مناقشة رأي الماتريدية في المعجزة.

أولاً: تعريف المعجزة:

المعجزة عند الماتريدية هي: أمر خارق للعادة، يظهر على يد النبي في دار التكليف، مقروناً بالتحدي، مع عدم المعارضة بالمثل.

قال أبو المعين النسفي:" المعجزة وحَدَّها على طريقة المتكلمين، أنها ظهور أمر بخلاف العادة، في دار التكليف، لإظهار صدق مدعي النبوة، مع نكول من يتحدى به عن معارضته بمثله.

وإنما قيد بدار التكليف؛ لأن ما يظهر من الناقض للعادة في دار الآخرة، لا يكون معجزة.

وإنما قلنا لإظهار صدق مدعي النبوة؛ ليقع الاحتراز به، عما يظهر مدعي الألوهية، إذ ظهور ذلك على يده جائز عندنا، وفيه أيضا احتراز عما يظهر على يد الولي، إذ ظهور ذلك كرامة للولي جائز عندنا.

وإنما قلنا لإظهار صدقه؛ لأن ذلك لو ظهر لإظهار كذبه...لا يكون ذلك معجزة له، ولا دليلاً على صدقه، بل يكون دليلاً على كذبه في دعواه.

وإنما قلنا مع نكول من يتحدى به عن معارضته بمثله؛ لأن الناقض للعادة لو ظهر على يده، ثم ظهر على يد المتحدي به مثله، لخرج ما ظهر على يده عند المعارضة عن الدلالة، إذ مثله ظهر على يدي من يكذبه، يكون دليل صدق من يكذبه، فيكون دليل كذبه، فيتعارض الدليلان فيسقطان"([18])

وقال التفتازاني:" (وأيدهم) أي الأنبياء، (بالمعجزات الناقضات للعادات) جمع معجزة، وهي أمر يظهر بخلاف العادة، على يدي مدعي النبوة، عند تحدي المنكرين، على وجه يعجز المنكرين عن الإتيان بمثله، وذلك لأنه لولا التأييد بالمعجزة، لما وجب قبول قوله، ولما بان الصادق في دعوى الرسالة عن الكاذب، وعند ظهور المعجزة يحصل الجزم بصدقه بطريق جرى العادة"([19]).

وقال أيضاً:" والمعجزةُ أمرٌ خارقٌ للعَادَةِ، قُصِدَ به إظهارُ صدقِ من ادَّعى أنه رسول الله تعالى".([20])

ثانياً: شروط المعجزة:

من تعريف الماتريدية للمعجزة، يتبين أنهم اشترطوا فيها شروطاً، أوصلها بعضهم إلى سبعة شروط، وعلى الإجمال ثلاثة شروط، أما السبعة فهي:

أن يكون الأمر الخارق فعل الله تعالى.

أن يكون خارقاً للعادة.

أن يتعذر معارضته.

أن يكون مقروناً بالتحدي.

أن يكون موافقاً للدعوى.

أن لايكون من ادعاه وأظهره مكذباً له.

أن لاتكون المعجزة متقدمة على الدعوى بل مقارنة لها، أو متأخرة عنها، بزمن يسير يعتاد مثلها.([21])

وأما الشروط الثلاثة من هذه السبعة وهي أهمها فهي:

1- خرق العادة.

2- التحدي.

3- عدم المعارضة.

وبما ذكره الماتريدية من تعريف وشروط للمعجزة، يتبين أنها ليست عندهم نفس الإعجاز، بل صفة المعجزة أمر خارج عنها، فهو إضافي، وليس أمراً في ذاتها، فالمعجزة ليست إلا أن الله صرف الناس عنها، وتحداهم بها النبي ولم يعارضوها، وهذا هو الإعجاز عندهم، بدليل أنهم قالوا: كل ماجاز أن يكون لنبي جاز أن يكون لولي.

وقول أبو المعين النسفي كما سبق: مع نكول من يتحدى به عن معارضته بمثله.

ثالثاً: أنواع المعجزة:

قسم أبو المعين النسفي، معجزات النبي صلى الله عليه وسلم إلى قسمين حسية، وعقلية فأما الحسية فهي أنواع:

1- منها ماهو خارج ذاته، كانشقاق القمر، واجتذاب الشجر، وتسليم الحجرعليه.

2- ومنها ماهو في ذاته، كالنور الذي كان ينتقل من ظهر إلى بطن، ومن بطن إلى ظهر، والخاتم الذي بين كتفيه.

3- ومنها ماكان في أخلاقه، فقد بلغ الغاية في مكارم الأخلاق، وشمائل الفضائل، مما يدل على أنها مواهب من الله تعالى له.

ثم قال: " ومعجزاته الحسية، مما لايحصى كثرة، ذكرها نقلة الحديث، وخلدوها في كتبهم، وكتابنا هذا يضيق عن ذلك كله، وفي ماذكرته كفاية لمن عقل وأنصف".

وأما العقلية فهي تنقسم إلى أنواع كثيرة:

1- منها ماهو راجع إلى نسبه.

2- ومنها ماهو راجع إلى دعواته.

3- ومنها ماهو راجع إلى أخباره.

4- ومنها ماهو راجع إلى مكانه.

5- ومنها ماهو راجع إلى كتابه الذي أتى به.

6- ومنها ماهو راجع إلى شريعته التي اختص بها. ([22])

رابعاً: مناقشة رأي الماتريدية في المعجزة:

تعريف الماتريدية للمعجزة غير مستقيم، بل هو مضطرب وغير منضبط لعدة أوجه منها:

1- أن ماذكر من أوصاف علق بها الحكم، كخرق العادة، ولفظ المعجزة، لم يرد في القرآن ولاالسنة، بل الوارد هو تسميتها بالآيات والبراهين والبينات، وهي مختصة بالأنبياء ولاتحتاج لمزيد أوصاف.

2- أن وصف خرق العادة غير منضبط في حق الأنبياء، وفي حق غيرهم من البشر، فإن نفس النبوة معتادة للأنبياء، خارقة للعادة بالنسبة إلى غيرهم، كما أن ما يعرفه أهل الحرف والعلوم هو معتاد لنظرائهم بالنسبة إلى غيرهم.

فكون الشيء خارقاً للعادة، ليس أمراً مضبوطاً.

فإنه إن أريد به، أنه لم يوجد له نظير في العالم، فهذا باطل فإن آيات الأنبياء بعضها نظير بعض، بل النوع منه، كإحياء الموتى هو آية لغير واحد من الأنبياء، وإن قيل: إن بعض الأنبياء كانت آيته لا نظير لها، كالقرآن والعصا والناقة، لم يلزم ذلك في سائر الآيات.

ثم هب أنه لا نظير لها في نوعها، لكن وجد خوارق العادات للأنبياء غير هذا، فنفس خوارق العادات معتاد جميعه للأنبياء، بل هو من لوازم نبوتهم مع كون الأنبياء كثيرين؟

وإن عني بكون المعجزة هي الخارق للعادة، أنها خارقة لعادة أولئك المخاطبين بالنبوة، بحيث ليس فيهم من يقدر على ذلك، فهذا ليس بحجة فإن أكثر الناس لا يقدرون على الكهانة والسحر ونحو ذلك.

وأيضا فكون الشيء معتاداً، هو مأخوذ من العود، وهذا يختلف بحسب الأمور، فالحائض المعتادة، من الفقهاء من يقول تثبت عادتها بمرة، ومنهم من يقول بمرتين، ومنهم من يقول لا تثبت إلا بثلاث، وأهل كل بلد لهم عادات في طعامهم، ولباسهم، وأبنيتهم،لم يعتدها غيرهم، فما خرج عن ذلك فهو خارق لعادتهم، لا لعادة من اعتاده غيرهم، فلهذا لم يكن في كلام الله ورسوله، وسلف الأمة وأئمتها، وصف آيات الأنبياء بمجرد كونها خارقة للعادة،ولا يجوز أن يجعل مجرد خرق العادة هو الدليل، فإن هذا لا ضابط له، وهو مشترك بين الأنبياء وغيرهم.

ولكن إذا قيل من شرطها أن تكون خارقة للعادة، بمعنى أنها لا تكون معتادة للناس فهذا ظاهر، يعرفه كل أحد، ويعرفون أن الأمر المعتاد مثل الأكل والشرب، ليس دليلاً ولا يدعي أحد أن مثل هذا دليل له، فإن فساد هذا ظاهر لكل أحد، ولكن ليس مجرد كونه خارقاً للعادة كافياً لوجهين:

أحدهما : أن كون الشيء معتاداً وغير معتاد أمر نسبي إضافي، ليس بوصف مضبوط تتميز به الآية.

الثاني: أن مجرد ذلك مشترك بين الأنبياء وغيرهم".([23])

3- منشأ الخطأ عند الماتريدية، اعتقادهم أن دلائل الأنبياء، وكرامات الأولياء، وخوارق السحرة والكهان، كلها من جنس واحد، ولهذا أنكرت المعتزلة كرامات الأولياء، وخوارق السحرة والكهان، حتى لاتلتبس بدلائل الأنبياء، ولم يجد الماتريدية وكذلك الأشاعرة فرقاً إلا التحدي، ومقارنة النبوة، ولهذا اضطربوا في التفريق بين المعجزة والكرامة كما سيأتي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله "إن آيات الأنبياء مما يعلم العقلاء أنها مختصة بهم، ليست مما تكون لغيرهم، فيعلمون أن الله لم يخلق مثلها لغير الأنبياء، وسواء في آياتهم التي كانت في حياة قومهم،وآياتهم التي فرق الله بها بين أتباعهم، وبين مكذبيهم، بنجاة هؤلاء وهلاك هؤلاء، ليست من جنس ما يوجد في العادات المختلفة لغيرهم... فآيات الأنبياء هي أدلة وبراهين على صدقهم، والدليل يجب أن يكون مختصاً بالمدلول عليه، لا يوجد مع عدمه، ولا يتحقق الدليل إلا مع تحقق المدلول، كما أن الحادث لابد له من محدث، فيمتنع وجود حادث بلا محدث...فكذلك ما دل على صدق النبي، يمتنع وجوده إلا مع كون النبي صادقاً...

المقصود أن جنس الأنبياء متميزون عن غيرهم بالآيات، والدلائل الدالة على صدقهم، التي يعلم العقلاء أنها لم توجد لغيرهم، فيعلمون أنها ليست لغيرهم لا عادةً ولا خرق عادة".([24])

4- أن مايظهر من خوارق العادة على يد الأنبياء، ليس من شرطه التحدي، أو عدم الإتيان بمثله، بل آيات الأنبياء دليل نبوتهم، وقد تخلوا من شرط التحدي، وعدم المعارضة، فتكثير الطعام والشراب مرات، ونبع الماء بين يدي أصابع النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة، كل هذا من دلائل النبوة، ولم يكن يظهرها النبي للاستدلال بها، ولايتحدى بمثلها، بل لحاجة المسلمين إليها.([25])

وإحياء الطير لإبراهيم عليه السلام، والقتيل لموسى عليه السلام، وإبراء الأكمه والأبرص لعيسى عليه السلام، لم يقع بها التحدي، وهي مع ذلك من معجزات الأنبياء.

5- اشتراط أن تكون المعجزة مقارنة لدعوى النبوة، أومتأخرة عنها بزمن يسير، يخالف ماكان عليه الأنبياء، فإبراهيم عليه السلام ألقي في النار، وكان ذلك بعد نبوته، ودعوته لقومه بزمن طويل.

6- يلزم من قولهم بالمقارنة، أن ماظهر على يد النبي محمد صلى الله عله وسلم في كل وقت من الأوقات، ليس دليلاً على نبوته؛ لأنه لم يكن كلما ظهر شيء من ذلك احتج به، وتحدى الناس بالإتيان بمثله، بل لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم التحدي إلا في القرآن خاصة بعد أن قال المشركون أنه " افتراه"، ولم ينقل التحدي عن غيره من الأنبياء، كموسى وعيسى وصالح عليهم السلام.([26])

7- أن من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب، والأسود العنسي وغيرهم، أتوا بخوارق للعادة، ولم يظهر لهم معارض، وتحدوا بها، فهل نسمي ماوقع لهؤلاء من خوارق معجزة، مع توافر شروط المعجزة الثلاثة عند الماتريدية.

قد يسميها بعضهم إهانة أو استدراج، لكن تعريف المعجزة ينطبق عليها تماماً، والعبرة بالحقائق وليس المسميات.

8- أن حقيقة الأمر على قولهم في جعلهم المعجزة: الخارق مع التحدي، أن المعجزة الحقيقية ليس إلا منع الناس من المعارضة بالمثل، سواء كان المعجز في نفسه خارقاً أو غير خارق.

وإذا كان كذلك جاز أن يكون كل أمر، كالأكل والشرب والقيام والقعود، معجزةإذا منعهم أن يفعلوا كفعله، وحينئذ فلامعنى لكونها خارقاً، ولا لاختصاص الرب بالقدرة عليه، بل الاعتبار بمجرد عدم المعارضة.([27])

9- تقييد المعجزة بحياة النبي وزمن التكليف، ليس بصحيح، فقد تكون المعجزة قبل ولادة النبي، وقد تكون بعد وفاته كأشراط الساعة التي أخبر بوقوعها النبي صلى الله عليه وسلم.

وعلى كل حال فإن ضبط المعجزة بما ذكروه لايستقيم ولايَطَّرد، بل يضطرب ولاينظبط، ويجعل المعجزة بغيرها تلتبس.

المطلب الثاني:كرامات الأولياءعندالماتريدية.

سيكون الحديث عن كرامات الأولياء عند الماتريدية من خلال العناصر التالية:

أولاً: تعريف كرامات الأولياء.

ثانياً: منزلة كرامات الأولياء.

ثالثاً: أدلة إثبات كرامات الأولياء.

رابعاً: الفرق بين المعجزة وكرامات الأولياء.

خامساً: مناقشة رأي الماتريدية في كرامات الأولياء.

أولاً: تعريف كرامات الأولياء:

اثبت الماتريدية كرامات الأولياء وأنها حق، خلافاً للمعتزلة.

قال ملا علي قاري:" والكرامات للأولياء حق، أي: ثابت بالكتاب والسنة، ولا عبرة بمخالفة المعتزلة، وأهل البدعة في إنكار الكرامة ".([28])

وأما تعريف الكرامة فقد قال أبو المعين النسفي:" وكرامته ظهور أمر خارق للعادة من قبله، غير مقارن لدعوى النبوة".([29])

والولي عندهم هو العارف بالله تعالى، وصفاته بحسب ما يمكن، المواظب على الطاعات، المجتنب عن المعاصي، المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات.([30])

فمن لم يكن بهذه الصفات، وظهر على يده خوارق للعادة،فوافق مراده وغرضه، فإنه يكون استدراجاً، كما حصل لإبليس من طي الأرض له حتى يوسوس لمن في الشرق والغرب، وإن لم يوافق غرضه ومراده يكون إهانة، كما رُوي أن مسيلمة الكذاب دعا الأعور أن يصير عينه العوراء صحيحة فصارت عنه الصححية عوراء.

وإن ظهر الخارق من قبل عوام المسلمين، تخليصاً لهم عن المحن والمكاره، فهذا يكون معونة.([31])

قال أبو المعين النسفي:" وظهور الكرامة على طريق نقض العادة للولي جائز عندنا غير ممتنع".([32])

ثانياً: منزلة كرامات الأولياء:

يرى الماتريدية أن كرامة الولي من معجزات النبي ودليل على صدقه، بل كل كرامة للولي تكون معجزة للرسول؛ لأن كرامة التابع كرامة المتبوع، والولي لايكون كذلك حتى يكون مصدقاً بالنبي ومتبعاً له.

قال أبوالمعين النسفي:" بل كل كرامة للولي تكون معجزة لرسول، فإن ظهورها يعلم أنه ولي، ولن يكون ولياً، إلا وأن يكون محقاً في ديانته، إذ المعتقد ديناً باطلاً عدو لله لا وليه، وكونه محقاً في ديانته، وديانة الإقرار برسالة رسوله، واتباعه إياه في دينه، دليل صحة رسالة رسوله".([33])

و قال ملا علي قاري:" والكرامة خارق للعادة، إلا أنها غير مقرونة بالتحدي، وهي كرامة للولي، وعلامة لصدق النبي، فإن كرامة التابع كرامة المتبوع...".([34])

ثالثاً: أدلة إثبات كرامات الأولياء:

استدل الماتريدية على ثبوت الكرامة بأدلة من القرآن، والأخبار المستفيضة عن الصحابة ومن بعدهم.

أما الأدلة من القرآن فهي:

1- قال تعالى: " كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" [ آل عمران: 37 ]

فظهر لها من الطعام والشراب واللباس عند الحاجة، مالم يظهر لغيرها.

2- ماذكره الله عن إتيان صاحب سليمان عليه السلام، بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف، مع بعد المسافة، قال تعالى:" قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ" [ النمل: 40 ]

وأما الأخبار المنقولة عن الصحابة ومن بعدهم، فيرى الماتريدية أنها بلغت حد الشهرة والاستفاضة، بحيث لايمكن إنكارها، خصوصاً الأمر المشترك، وإن كانت التفاصيل آحاداً.

قال أبو المعين النسفي:" وأهل الحق أقروا بذلك لما اشتهر من الأخبار، واستفاض من الحكايات عن الأحبار، فلا وجه إلى رد ما انتشر به الخبر عن صالحي الأئمة في ذلك".([35]) وقال التفتازاني:" والدليل على حقية الكرامة، ما تواتر عن كثير من الصحابة ومن بعدهم، بحيث لا يمكن إنكاره، خصوصاً الأمر المشترك، وإن كانت التفاصيل آحاداً، وأيضاً الكتاب ناطق بظهورها من مريم، ومن صاحب سليمان عليه السلام، وبعد ثبوت الوقوع لا حاجة إلى إثبات الجواز ".([36])

وهذه الأخبار على أحوال:

أ- فمنها مايكون فيه اندفاع المتوجه من البلاء، وكفاية المهم من الأعداء، مثل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على المنبر بالمدينة، وجيشه بنهاوند: يا سارية الجبل الجبل، تحذيراً له من وراء الجبل، لمكر العدو هناك، وسماع سارية كلامه مع بعد المسافة، وكشرب خالد بن الوليد رضي الله عنه السم من غير تضرر به، وكجريان النيل بكتاب عمر رضي الله عنه، وأمثال هذا أكثر من أن تحصى.

ب - ومنها مايكون كلاماً لجماد أو عجماء، مثل ماروي أنه كان بين يدي سليمان وأبي الدرداء رضي الله عنهما قصعة فسبحت، وسمعا تسبيحها.

وأما كلام العجماء فتكليم الكلب لأصحاب الكهف، وكما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، إذا التفتت البقرة إليه وقالت: إني لم أخلق لهذا، إنما خلقت للحرث، فقال: سبحان الله بقرة تكلم، فقال النبي عليه السلام:

آمنت بهذا)([37])، وغيرها.([38])

رابعاً: الفرق بين المعجزة وكرامات الأولياء:

حاول الماتريدية التفريق بين المعجزة والكرامة، خاصة أنها تندرج تحت مسمى خوارق العادة، ويمكن حصر ماذكروه من فروقات في الأوجه التالية:

1- أن المعجزة مقترنة بدعوى النبوة والتحدي، وأما الكرامة فخالية من الدعوى، ولو ادعى النبوة لسقط من رتبة الولاية، وصار فاسقاً أوكافراً من ساعته.([39])

وهذا هو الفرق الرئيس بين المعجزة والكرامة عند الماتريدية، ولذا قال قال ملا علي قاري:" كل ما جاز أن يكون معجزة لنبي، جاز أن يكون كرامة لولي لا فارق بينهما إلا التحدي".([40])

وقال أيضاً:" والحاصل أن الأمر الخارق للعادة، هو بالنسبة إلى النبي معجزة، سواء ظهر من قبله أو من قبل أمته، لدلالته على صدق نبوته، وحقية رسالته، فبهذا الاعتبار جعل معجزة له، وإلا فحقيقة المعجزة أن تكون مقارنة للتحدي، على يد المدعي، وبالنسبة إلى الولي كرامة".([41])

2- أن المعجزة لابد فيها من علم النبي بكونه نبياً، وأما الولي فلايلزم علمه بكونه ولياً.

3- أن المعجزة يقصد النبي إظهارها، والتحدي بها، والحكم قطعاً بموجبها، وأما الولي فيجتهد في كتمانها، ويخشى أن تكون استدراجاً، ويخاف من الاغترار بها إذا اشتهرت.

4- أن الكرامة تكون مقارنة للعمل الصالح، والاعتقاد الصحيح، وتبعث على الجد والاجتهاد في العبادة، والاحتراز عن السيئات.([42])

خامساً: مناقشة رأي الماتريديةفي كرامات الأولياء:

ماذهب إليه الماتريدية من تعريف الكرامة حق وصواب، لكنهم أخطأوا في بعض الأمور التي حاولوا أن يفرقوا بها بين المعجزة و الكرامة، ومن ذلك:

1- أنهم جعلوا ماكان من معجزات للأنبياء كرامات للأولياء، ولافرق بينهما إلا دعوى النبوة والتحدي بالمثل.

ومما لاشك فيه أن معجزات الأنبياء التي دلت على نبوتهم، هي أعلى مما يشتركون فيه هم وأتباعهم.([43])

فانشقاق القمر، والإتيان بالقرآن، وانقلاب العصا حية، وخروج الدابة من الصخرة، لم يكن مثله للأولياء.

فالآيات الكبرى مختصة بالأنبياء والرسل، وأما الآيات الصغرى فقد تكون للصالحين؛ مثل تكثير الطعام، فقد وجد لغير واحد من الصالحين، لكن لم يوجد كما وجد للنبي صلى الله عليه وسلم أنه أطعم الجيش من شيء يسير.

فالأنبياء مختصون إما بجنس الآيات، فلايكون لمثلهم كالإتيان بالقرآن، وانشقاق القمر.

وإما بقدرها وكيفيتها، كنار الخليل عليه السلام، فإن أبا مسلم الخولاني وغيره صارت لهم النار برداً وسلاماً، لكن لم تكن مثل نار إبراهيم عليه السلام في عظمها كما وصفوها.

فهو شارك الخليل عليه السلام في جنس الآية، كما هو مشارك في جنس الإيمان ومحبة الله وتوحيده، ومعلوم أن الذي امتاز به الخليل عليه السلام من هذا، لايماثله فيه أبو مسلم وأمثاله.([44])

2- قولهم أن المعجزة يظهرها النبي والكرامة يخفيها الولي، ليس على إطلاقه، فالكرامة تكون لنصرة الدين، وإقامة السنة، وتكون لحاجة الشخص تقويةً لإيمانه، فهي من دلائل النبوة، ومن جملة آيات الأنبياء([45])، ولذلك كان الولي يتحدى بكرامته في بعض الأحيان، ولايكتمها، مثل المؤمن الذي يقتله الدجال، ثم يحييه فيقوم، ثم يقول: أنت الأعور الكذاب الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكقصة خالد بن الوليد في شربه للسم أمام الأعداء ولم يضره.

3- تفريقهم بالاقتران بالتحدي ليس على إطلاقه أيضاً، فإن بعض المعجزات كما سبق لم تكن مقرونة به، وبعض الكرامات التي وقعت للصحابة ومن بعدهم، كانت للتحدي كشرب خالد بن الوليد للسم كما مضى.

فدعوى التفريق بينهما بضابط التحدي، ممتنع ولايحصل به تفريق، بل لايوافق الأحوال والوقائع، التي كان عليها الحال في عهد الأنبياء والصحابة ومن بعدهم.([46])

4- حصر وقوع الكرامة في أصحاب العمل الصالح، والمعتقد الصحيح، وما عداهم فما يقع لهم هو استدراج أو معونة ليس على إطلاقه، فقد تقع الكرامة لبعض العصاة تقويةً لإيمانهم وحاجتهم إليها، وكلما ضعف إيمان الناس، احتاجوا من الكرامات مالايحتاجه قوي الإيمان، ولذا كانت الكرامات فيمن بعد الصحابة، أكثر منها في الصحابة، لقوة إيمان الصحابة وضعف من بعدهم.

وتسمية مايحصل على يد بعض العصاة استدراجاً أومعونة، لايخرجها في حق البعض أن تكون كرامة.

الخاتمة

في خاتمة هذا البحث، وبعد دراسة موقف الماتريدية من خوارق العادة، وخاصة المعجزة والكرامة، أذكر أهم النتائج وهي على النحو التالي:

1- أن الماتريدية حصرت طرق إثبات النبوة في المعجزة، وخالفت في ذلك أهل السنة والجماعة، وإمام مذهبهم الماتريدي.

2- أثبت الماتريدية خوارق العادة وقسموها إلى خمسة أقسام:

المعجزة، والكرامة، والاستدراج، والإهانة، والإعانة.

3- اشترط الماتريدية في المعجزة شروطاً أوصلها بعضهم إلى سبعة شروط، وعلى

الإجمال ثلاثة شروط وهي أهمها: خرق العادة، والتحدي، وعدم المعارضة.

4- عرفوا المعجزة بأنها: أمر خارق للعادة، يظهر على يد النبي، في دار التكليف، مقروناً بالتحدي، مع عدم المعارضة بالمثل.

5- اثبت الماتريدية كرامات الأولياء وأنها حق، خلافاً للمعتزلة، لكنهم أخطأوا في التفريق بين المعجزة والكرامة.

6- الفرق الرئيس بين المعجزة والكرامة عند الماتريدية، هو دعوى النبوة والتحدي، فالنبي يدعي النبوة، ويتحدى بالمعجزة،والولي لايدعيها ولوادعاها لسقط من رتبة الولاية، وصار فاسقاً أوكافراً من ساعته.

7- حصر الماتريدية وقوع الكرامة في أصحاب العمل الصالح، والمعتقد الصحيح، وأخرجوا عوام المسلمين العصاة، فلايسمى مايقع لبعضهم كرامة،وإنما يسمونه إعانة.

8- منشأ الخطأ عند الماتريدية في باب خوارق العادة، أنهم جعلوها من جنس واحد، ولهذا قالوا: كل ماجاز أن يكون لنبي، جاز أن يكون لولي، لا فارق بينهما إلا التحدي.

9- أن الالتزام بالألفاظ المحدثة التي لم ترد في القرآن والسنة، كلفظ الخارق للعادة، ولفظ المعجزة والكرامة، وإهمال الألفاظ الشرعية التي جاء بها الوحي، هو الذي يوقع البعض في إشكالات وتناقضات، لمحاولة التوفيق بينها.

قال تعالى:" وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا" [ النساء: 82 ]

فهرس المصادر والمراجع

آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية عرض وتقويم في ضوء عقيدة السلف، محمد بن عبدالعزيز الشايع، ط.الأولى ( الرياض: دار المنهاج 1427هـ).

أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة، د. محمد بن عبد الرحمن الخميس، ط. الأولى

( الرياض: دار الصميعي 1416هـ/1996م).

تبصرة الأدلة في أصول الدين على طريق الإمام أبي منصور الماتريدي، لأبي المعين ميمون بن محمد النسفي،تحقيق وتعليق: كلود سلامه، ط. الأولى ( قبرص: دار الجفان والجابي للطباعة والنشر 1990م).

التمهيد لقواعد التوحيد، لأبي المعين ميمون بن محمد النسفي،تحقيق وتعليق:د. عبدالحي قابيل، ط. بدون( القاهرة: دار الثقافة للنشر 1407هـ/1987م).

التمهيد لقواعد التوحيد، لأبي المعين ميمون بن محمد النسفي، تحقيق ودراسة: حبيب الله حسن أحمد، ط. الأولى( القاهرة: دار الطباعة المحمدية 1406هـ/1986م)

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، تحقيق وتعليق: د. علي بن حسن بن ناصر - د. عبدالعزيز بن ابراهيم العسكر - د. حمدان بن محمد الحمدان، ط. الثانية (الرياض: دار العاصمة 1419هـ - 1999م)

خوارق العادات في القرآن الكريم، عبدالرحمن إبراهيم الحميضي، ط. الأولى

( الرياض: شركة عكاظ للنشر 1402هـ/1982م).

خوارق العادات وحقيقة الولاية والفرق بينها وبين الأحوال الشيطانية، وليد محمد السعد، رسالة ماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، إشراف الشيخ الدكتور صالح الفوزان عام 1400هـ.

الروضة البهية في مابين الأشاعرة والماتريدية، الحسن بن عبدالمحسن المشهور بأبي عذبة،عناية: بسام عبدالوهاب الجابي، ط.الأولى (بيروت: دار ابن حزم 1424هـ/2003م).

الروضة البهية فيما بين الأشاعرة و الماتريدية، الحسن بن عبدالمحسن المشهور بأبي عذبة، تحقيق: عبدالرحمن عميرة، ط. الأولى( بيروت: عالم الكتب 1409هـ/1989م).

شبهات أهل الفتنة وأجوبة أهل السنة، عبدالرحمن دمشقية، ط.بدون ( لبنان: دار الجاري).

شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، هبة الله ابن الحسن الألكائي، تحقيق:

د. أحمد بن سعد الغامدي، ط. الثانية ( الرياض: دار طيبة 1415هـ/1994م).

شرح العقائد النسفية مع حاشية جمع الفرائد بإنارة شرح العقائد، الشرح لسعد الدين بن مسعود التفتازاني، والحاشية لصدر الورى القادري ( بدون معلومات نشر)

شرح العقائد النسفية، لسعد الدين بن مسعود التفتازاني، تحقيق: محمد عدنان درويش، ط. بدون( بدون: دار الجديد ).

شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي، تحقيق: د. عبدالله التركي وشعيب الأرناؤوط، ط. الأولى ( بيروت: مؤسسة الرسالة 1408هـ/ 1988م).

الصحاح، للجوهري، تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار، ط. الثانية ( بيروت: دار الملايين 1399هـ).

صحيح البخاري، الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، ضبط وترقيم:

د. مصطفى ديب البغا، ط5 ( بيروت: دار ابن كثير 1414هـ/ 1993م).

صحيح مسلم، الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، ط.بدون( تركيا: المكتبة الإسلامية، بدون).

القصيدة النونية، تاج الدين السبكي، عناية: بسام عبدالوهاب الجابي، ط.الأولى (بيروت: دار ابن حزم 1424هـ/2003م).

كتاب أصول الدين، عبدالقاهر البغدادي، ط. الثالثة ( بيروت: دار الكتب العلمية 1401هـ/1981م)

كتاب التوحيد، لأبي منصور الماتريدي، تحقيق د. فتح الله خليف، ط. بدون

( القاهرة: دار الجامعات المصرية، بدون)

كتاب الماتريدية دراسة وتقويماً، أحمد بن عوض الحربي، ط. الأولى ( الرياض: دار العاصمة للنشر والتوزيع 1413هـ)

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضيَّة في عقيدة الفرقة المرضية، الشيخ محمد السفاريني،ط.الثالثة ( بيروت: المكتب الإسلامي 1411هـ/1991م).

المسائل الخلافية بين الأشاعرة والماتريدية، بسام عبدالوهاب الجابي، ط.الأولى (بيروت: دار ابن حزم 1424هـ/2003م).

معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق: عبدالسلام هارون، ط. الثانية(القاهرة: دار الحلبي1389هـ).

الملل والنحل، لأبي الفتح محمد بن عبدالكريم الشهرستاني، تصحيح وتعليق: أحمد فهمي محمد، ط. الأولى ( بيروت: دار الكتب العلمية 1410هـ/1990م).

منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر، ط. الأولى ( بيروت: دار البشائر الإسلامية 1419هـ/1998م)

منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد، عثمان بن علي حسن،ط. الثالثة (الرياض: مكتبة الرشد 1415هـ)

منهج الإمام الشوكاني في العقيدة، د. عبدالله نومسوك، الثانية (بدون: مكتبة دار القلم والكتاب 1414هـ).

منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة من خلال كتابه "فتح الباري"، محمد إسحاق كندو، ط. (الرياض: مكتبة الرشد 1419هـ/1998م).

النبوات،شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: د. عبدالعزيز الطويان، ط.الأولى

( الرياض: أضواء السلف 1420هـ/2000م)

النبوات، شيخ الإسلام ابن تيمية، دراسة وتحقيق: محمد عوض ط. الأولى

( بيروت: دار الكتاب العربي 1405هـ/1985م ).

النبوات، شيخ الإسلام ابن تيمية، ط. بدون ( بيروت: دار الكتب العلمية )

نظم الفرائد وجمع الفوائد في بيان المسائل التي وقع فيه الاختلاف بين الماتريدية والأشاعرة في العقائد مع ذكر أدلة الفريقين، عبدالرحيم علي الشهير بشيخ زاده، عناية: بسام عبدالوهاب الجابي، ط.الأولى (بيروت: دار ابن حزم 1424هـ/2003م).

نقض عقائد الأشاعرة والماتريدية، خالد بن علي الغامدي، ط. الأولى ( الرياض: دار أطلس الخضراء 1430هـ/2009م).

فهرس الموضوعات

المقدمة.............................................................

2

المبحث الأول: عقيدة أهل السنة والجماعة في خوارق العادة............

4

المبحث الثاني: طرق إثبات النبوة عند الماتريدية........................

6

مناقشة رأي الماتريدية في طرق إثبات النبوة...........................

10

المبحث الثالث: خوارق العادة عند الماتريدية. ........................

12

التمهيد: أقسام خوارق العادة عند الماتريدية...........................

12

المطلب الأول: المعجزة عند الماتريدية.................................

13

أولاً: تعريف المعجزة................................................

13

ثانياً: شروط المعجزة................................................

14

ثالثاً: أنواع المعجزة.................................................

15

رابعاً: مناقشة رأي الماتريدية في المعجزة...............................

16

المطلب الثاني:كرامات الأولياء عند الماتريدية..........................

20

أولاً: تعريف كرامات الأولياء.......................................

20

ثانياً: منزلة كرامات الأولياء.........................................

21

ثالثاً: أدلة إثبات كرامات الأولياء....................................

21

رابعاً: الفرق بين المعجزة وكرامات الأولياء...........................

23

خامساً: مناقشة رأي الماتريدية في كرامات الأولياء.....................

24

الخاتمة..............................................................

26

فهرس المصادر والمراجع.............................................

27

فهرس الموضوعات..................................................

31

([1]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، تحقيق وتعليق: د. علي بن حسن بن ناصر ، د. عبدالعزيز بن ابراهيم العسكر ، د. حمدان بن محمد الحمدان، ط. الثانية (الرياض: دار العاصمة 1419هـ - 1999م) 5/412.

([2]) انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، هبة الله ابن الحسن الالكائي، تحقيق: د. أحمد بن سعد الغامدي، ط. الثانية ( الرياض: دار طيبة 1415هـ/1994م) المجلد الخامس، والنبوات، شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: د. عبدالعزيز الطويان، ط.الأولى ( الرياض: أضواء السلف 1420هـ/2000م)، وشرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي، تحقيق: د. عبدالله التركي وشعيب الرناؤوط، ط. الأولى ( بيروت: مؤسسة 1408هـ/ 1988م) 1/140، 2/746.

([3]) هو محمد بن محمد بن محمود ، أبو منصور الماتريدي: من أئمة علماء الكلام، نسبته إلى ما تريد (محلة بسمرقند)، توفي عام 333هـ . انظر الأعلام 7/19.

([4]) كتاب التوحيد، تحقيق د. فتح الله خليف، ط. بدون ( القاهرة : دار الجامعات المصرية، بدون) ص188-189، وانظر ص 202-210.

([5]) هو مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازانى، سعد الدين: من أئمة العربية والبيان والمنطق، ولد بتفتازان (من بلاد خراسان) وأقام بسرخس، وأبعده تيمورلنك إلى سمرقند، فتوفى فيها عام 793هـ، ودفن في سرخس. انظر الأعلام 7/219.

([6]) شرح العقائد النسفية مع حاشية جمع الفرائد بإنارة شرح العقائد، ( بدون معلومات نشر) ص138.

([7]) هومحمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم، أبو اليسر، لقب بصدر الاسلام البزدوي، فقيه بخاري، ولي القضاء بسمرقند، وانتهت إليه رئاسة الحنفية في ما وراء النهر، توفي عام 493هـ. انظر الأعلام 7/22، وسير أعلام النبلاء 19/49.

([8]) أصول الدين ص 97،98 ، نقلاً من كتاب الماتريدية دراسة وتقويماً، أحمد بن عوض الحربي، ط. الأولى

( الرياض: دار العاصمة للنشر والتوزيع 1413هـ) ص 380.

([9]) هو ميمون بن محمد بن محمد بن معبد بن مكحول، أبو المعين النسفى الحنفي، عالم بالاصول والكلام،

كان بسمرقند وسكن بخارى، توفي عام 508هـ . انظر الأعلام 7/341، وهدية العارفين 2/487.

([10]) التمهيد لقواعد التوحيد، تحقيق ودراسة: حبيب الله حسن أحمد، ط. الأولى( القاهرة: دار الطباعة المحمدية 1406هـ/1986م) ص 222.

([11]) هو منكوبرس بن يلنقلج التركي الناصري، نجم الدين، وفي معجم المؤلفين : عبدالله المستنصري، جمال الدين، توفي عام 652هـ. انظر معجم المؤلفين 13/23، وهدية العارفين 2/477.

([12]) النور اللامع ، نقلاً عن كتاب الماتريدية دراسة وتقويماً ص 380-381.

([13]) شرح العقائد النسفية ص 136. وانظر كتاب أصول الدين ، عبدالقاهر البغدادي ، ط. الثالثة ( بيروت : دار الكتب العلمية 1401هـ/1981م) ص 161.

([14]) انظر كتاب الماتريدية للحربي ص 381.

([15]) انظر صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 1/3 (3)، وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم (160).

([16]) انظر صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 1/7 (7)، وصحيح مسلم ، كتاب المغازي، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ، رقم (1773).

([17]) انظر حاشية شرح العقائد النسفية ص144 .

([18]) التمهيد ص236.

([19]) شرح العقائد النسفية ص136.

([20]) السابق ص 37.

([21]) انظر حاشية شرح العقائد النسفية ص145 .

([22]) التمهيد ص 241-247.

([23]) انظر النبوات، شيخ الإسلام ابن تيمية، ط. بدون ( بيروت: دار الكتب العلمية ) ص 20.

([24]) انظر النبوات ص 159، 160_ 165.

([25]) السابق ص 156.

([26]) السابق ص177-178.

([27]) السابق ص72 باختصار.

([28]) منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر ، ط. الأولى ( بيروت : دار البشائر الإسلامية 1419هـ/1998م) ص235.

([29]) شرح العقائد النسفية ص 144.

([30]) انظر المرجع السابق ص 144.

([31]) حاشية شرح العقائد النسفية ص 144.

([32]) التمهيد ص252 ، وأصول الدين ص 96-99.

([33]) التمهيد ص 254.

([34]) منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر ص 237.

([35]) التمهيد ص252.

([36]) شرح العقائد النسفية ص 144.

([37]) انظر صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذاً خليلاً 3/1339 (3463).

([38]) انظر شرح العقائد النسفية ص 145.

([39]) انظر منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر ص236، و شرح العقائد النسفية ص 144.

([40]) منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر ص237.

([41]) انظر السابق ص238، والماتريدية للحربي ص 39.

([42]) انظر شرح العقائد النسفية ص144.

([43]) انظر النبوات ص169.

([44]) النبوات ص 296 باختصار، وانظر ص7، 8، 305، 308.

([45]) انظر شرح العقائد النسفية ص 132.

([46]) انظر النبوات ص 196، 244.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المقارنة بين ئالإسلام والنصرانية واليهودية والاختيار بينهم{Comparison between .. Islam, Christianity and Judaism /and choose between them}

Comparison between .. Islam, Christianity and Judaism /and choose between them  المقارنة بين .. الإسلام والنصرانية واليهودية .. والاختيار ...